نوّاب بريطانيون يحذّرون من تراخي الحكومة في مواجهة المعلومات المضلّلة

نوّاب بريطانيون يحذّرون من تراخي الحكومة في مواجهة المعلومات المضلّلة
مجلس العموم البريطاني

حذّر نوّاب في مجلس العموم من أنّ تراخي الحكومة البريطانية في مواجهة المعلومات المضلّلة المنتشرة عبر الإنترنت قد يفتح الباب أمام اضطرابات اجتماعية جديدة شبيهة بتلك التي شهدتها البلاد في صيف 2024، عندما اندلعت أعمال عنف على خلفية منشورات كاذبة أعقبت جريمة الطعن في مدينة ساوثبورت، والتي راح ضحيتها ثلاثة أطفال.

وقالت رئيسة لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم، تشي أونوُراه، في تصريحات نقلتها صحيفة "الغارديان"، إنّ الحكومة تتعامل بقدر مقلق من اللامبالاة مع هذا التهديد، مشددة على أن “تجاهل انتشار المعلومات القانونية لكنها ضارة يعرض السلامة العامة للخطر، ومن المحتمل أن نشهد قريبًا اضطرابات شبيهة بما حدث العام الماضي".

تقرير برلماني يحذر من الخوارزميات الضارة

جاءت هذه التصريحات بعد صدور تقرير برلماني بعنوان "وسائل التواصل الاجتماعي، المعلومات المضلّلة، والخوارزميات الضارة"، كشف أنّ صورًا مفبركة أنشأها الذكاء الاصطناعي انتشرت بعد حادث ساوثبورت، وساهمت في تأجيج الغضب العام وتغذية الشائعات حول هوية منفّذ الهجوم.

وأوضح التقرير أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي باتت تتيح إنتاج محتوى كاذب أو محرّض بسرعة وسهولة غير مسبوقتين، ما يضاعف من خطر استخدامها في تأجيج الانقسامات أو التحريض على العنف.

ورغم التحذيرات، رفضت الحكومة البريطانية توصيات اللجنة بسنّ تشريعات جديدة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي أو الإعلانات الرقمية، مؤكدة أن قانون السلامة على الإنترنت الذي أُقرّ عام 2023 يغطي هذه الجوانب بصورة كافية، وأن فرض قوانين إضافية “قد يعرقل تنفيذ التشريعات الحالية”.

ثغرات قانونية في مواجهة الذكاء الاصطناعي

هيئة الاتصالات (Ofcom) –وهي الجهة التنظيمية المسؤولة عن تطبيق القانون– أوضحت في شهادتها أمام اللجنة أن روبوتات الدردشة الذكية لا يشملها القانون بشكل كامل، وأن هناك حاجة إلى مشاورات موسعة مع شركات التكنولوجيا لتحديث الإطار التشريعي.

كما تجاهلت الحكومة مقترح النواب بإنشاء هيئة مستقلة لمراقبة سوق الإعلانات الرقمية، الذي تقول اللجنة إنه يتيح تحقيق أرباح من المحتوى المضلّل، إذ تستفيد بعض المواقع من نظام الإعلانات القائم على النقرات عبر نشر أخبار أو صور مثيرة لكنها كاذبة، مثل تلك التي روّجت معلومات خاطئة حول منفذ هجوم ساوثبورت.

الحكومة تكتفي بـ"فريق عمل"

وفي ردّها الرسمي، قالت الحكومة إنها “تدرك مخاوف ضعف الشفافية في سوق الإعلانات عبر الإنترنت”، وإنها ستواصل مراجعة تنظيمه من خلال فريق عمل للإعلانات الرقمية، يهدف إلى تعزيز المساءلة خاصة في ما يتعلق بالإعلانات غير القانونية وحماية الأطفال.

كما رفضت الحكومة إصدار تقرير سنوي عن حالة المعلومات المضلّلة، بحجة أن ذلك “قد يشتّت الجهود ويؤثر سلبًا على فاعلية التدابير المتخذة لمكافحتها”.

انتقادات لغياب الإرادة السياسية

النائبة أونوُراه وصفت رد الحكومة بأنه “مخيّب للآمال”، مؤكدة أن اللجنة “غير مقتنعة بأن قانون السلامة على الإنترنت يغطي الذكاء الاصطناعي التوليدي”، وأضافت: "هذه التكنولوجيا تتطوّر بسرعة مذهلة، ومواجهة تأثيرها على المعلومات المضلّلة تحتاج إلى تحرك عاجل. تجاهل نماذج الإعلانات التي تكافئ المنصّات على تضخيم المحتوى المضلّل يعني ببساطة استمرار المشكلة".

تُعد اضطرابات صيف 2024 واحدة من أسوأ موجات العنف التي شهدتها بريطانيا خلال العقد الأخير، إذ أدت منشورات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اندلاع أعمال شغب في مدن عدة، بعد تداول صور مزيفة وتكهنات خاطئة حول خلفية المهاجم في جريمة ساوثبورت.

وأكدت التحقيقات آنذاك أن مقاطع الفيديو المفبركة والصور المعدّلة بالذكاء الاصطناعي لعبت دورًا أساسيًا في تأجيج الغضب الشعبي، خاصة بعد انتشارها عبر منصات مثل "تيك توك" و"إكس" (تويتر سابقًا)، قبل أن تتمكن الشرطة من تفنيدها.

تُعرّف الحكومة البريطانية المعلومات المضلّلة بأنها نشر غير مقصود لمعلومات خاطئة، بينما تُعرّف التضليل بأنه “نشر متعمّد لمحتوى كاذب بهدف الإضرار أو خلق اضطراب عام".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية